هل يُشكل امتحان البسيخومتري عائق أمام الطالب العربي في القبول للجامعات ؟

أن معدل علامات الطالب العربي في السنوات الأخيرة في امتحان البسيخومتري يتراوح بين 430 و 470 نقطة (من أصل800 ) في حين أن معدل الطالب اليهودي يتراوح بين 550 و 580 .أي أن الفرق في المعدل يفوق الـ 100 نقطة. هذا الفارق في المعدلات يُثير الكثير من الجدل والنقاش حول مدى مصداقية امتحان البسيخومتري ومدى ملائمته للطالب العربي أو هل امتحان البسيخومتري هو امتحان تصنيف مُنصف،أم أنه يظلم شرائح مُعينة من المُجتمع وغيرها من التساؤلات،ولا بُد أنكم قرأتم وسمعتم العديد من التحليلات والنقاشات حول هذا الموضوع ،إذ أنه بين الحين والآخر تُناقش وسائل الإعلان المختلفة هذه المعطيات والغالبية تعتقد أن امتحان البسيخومتري يُشكل عائقاً أمام الطالب العربي في القبول للجامعات.

هل امتحان البسيخومتري يُشكل عائقاً أمام الطالب العربي في القبول للجامعات ؟هل الامتحان مبنيّ بطريقة تهدف جَعْلَ الطالب العربي يحصل على علامات متدنية في الامتحان؟ هل مُعدل علامات الطالب العربي في امتحان البسيخومتري يعكس الوضع التعليمي الطالب العربي؟

مما لا شك فيه أن امتحان البسيخومتري يُشكل عائق أمام الطالب العربي في الدخول للجامعات .فالمعدل المنخفض للعلامات يعني أن هنالك آلاف الطلاب العرب الذين لا يصلون الحد الأدنى من علامة البسيخومتري التي تؤهلهم للقبول للجامعات،ولكن ما هو سبب العلامات المنخفضة ؟ هل هو مبنى الامتحان أو نوعية الأسئلة ؟ أم أن هذه العلامات تعكس الواقع التعليمي في الوسط العربي؟

لكي نُعطي صورة أوضح وأشمل علينا أن نقارن تحصيل الطالب العربي مع الطالب اليهودي في عدة امتحانات تفحص
مستوى التعليم في الوسطين العربي واليهودي، مثل: امتحانات البجروت وامتحانات الميتساف (מיצ"ב) والامتحانات الدولية التي تجريها الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.

بحسب ما ينشره المركز القطري فإن معدل امتحانات البجروت في الوسط العربي في سنة 2011 (دون إضافات-בונוסים) كان 89 أما في الوسط اليهودي فكان 87.وهذا معناه أن الطالب العربي يتفوّق على الطالب اليهودي في امتحانات البجروت ولهذا الأمر هنالك عدة تفسيرات لن أتطرق لها هنا ... .
أما بالنسبة للامتحانات الدولية ففي امتحان pisa
(Program for international student assessment)

و هو امتحان دولي يُقارن تحصيل الطلاب في مجالات القراءة، العلوم والرياضيات في 64 دولة ويهدف أن يفحص جاهزية الطلاب للحياة البالغة، أي قدرتهم على مواجهة الحياة والمنافسة في سوق العمل في المستقبل.فقد كانت نتائج الامتحان الأخير الذي أجري ضعيفة جدًا لكل طلاب إسرائيل عربًا ويهودًا .وقد أدرجت إسرائيل في المكان 41 في العلوم وفي المكان 36 في القراءة وفي المكان 41 في الرياضيات.هذه النتائج تدل على ضعف جهاز التعليم في إسرائيل بشكل عام،مقارنة مع العالم ، وفي الوسط العربي بشكل خاص ففي امتحان القراءة الذي يفحص مهارات مثل فهم، تحليل واستنتاج من نصوص مقروءة كان معدل الطلاب العرب 382 من أصل 800 نقطة .وفي الرياضيات كان معدل الطلاب العرب 367 نقطة من أصل 800 نقطة .وبشكل عام أدرج طلاب عرب إسرائيل في أسفل اللائحة الدولية.

نتائج ومعطيات بنفس الروح تكشفها علامات امتحانات الميتساف (מיצ"ב) التي تكشف عن فروق كبيرة بين تحصيل الوسط العربي والوسط اليهودي.

عامل إضافي يفسر الفرق بين تحصيل الطالب العربي واليهودي، هو معدل جيل المتقدمين للامتحان. ففي حين أن الغالبية الساحقة من اليهود تتقدم للامتحان بعد إنهاء فترة التجنيد الإلزامي أي في جيل 23-22 سنة، فإن غالبية الطلاب العرب يتقدمون للامتحان في جيل 18-17 سنة وهذا العامل له تأثير بالغ على توجه الطالب وتعامله مع الامتحان.فحسب المعطيات التي نشرها المركز القطري الذي يُعد الامتحان، ففي سنة 2011 كان عدد الطلاب العرب الذين تقدموا لامتحان البسيخومتري للمرة الأولى 10851 من أصل 23547 طالب عربي تقدم للامتحان ونسبتهم تشكل 46% من الطلاب العرب الذين تقدموا للامتحان في تلك السنة .وعادة هذه المجموعة من الطلاب تكون لا زالت في المرحلة الثانوية ولم تدرك بعد مدى تأثير هذا الامتحان على مُستقبلها التعليمي.معدل علامات هؤلاء الطلاب هو 432 نقطة، أي أن هذه المجموعة من الطلاب هي التي تُحدد إلى حد كبير معدل العلامات المُنخفض للطالب العربي والسبب يعود إلى عدم توجهها وتهيُّئها بشكل صحيح لامتحان البسيخومتري، وتتعامل معه باستهتار وعدم جدية... .ومن الجدير ذكره أن نسبة كبيرة من هذه المجموعة تُنجز ارتفاع كبير في علامتها عندما تتقدم للمرة الثانية أو الثالثة وقد يفوق هذا الارتفاع في بعض الحالات ال150 نقطة وأكثر .

من المعطيات والتحليل الذي عُرض سابقاً فأن الاستنتاج الوحيد هو أن امتحان البسيخومتري يعكس صورة التعليم في الوسط العربي بشكل عام ويُضعف جداً أن مبنى الامتحان أو صيغته أو نوعية الأسئلة التي تظهر فيه هو السب؛فالفرق في نتائج الامتحانات المختلفة بين الطالب العربي واليهودي هو واقع يرافق الطلاب العرب في كل الراحل التعليمية ولا يظهر فجأةً في امتحان البسيخومتري دون سابق إنذار.ولكي نُحدث تغييراً جذرياً في هذا المجال علينا أن نبدأ بالتغيير في المدارس الابتدائية في أساليب وطرق التعليم، وتنمية استراتيجيات دراسة وتعلُم صحيحة عند الطلاب تُشجع البحث والتحليل عندهم والابتعاد عن أسلوب التلقين والبصم في التعليم.


باحترام- خليل غريب مدير عام IQ